لما يقف الزمن مدافعا عن المتهم يظهر ما نطلق عليه سقوط الدعوى الجزائية وهي الحالة اللي تمنع توجيه الاتهام لمرور فترة طويلة من الزمن كافية لتبديد اثار الجريمة او اضعاف قوة الدليل (10 سنوات للجناية و 5 سنوات للجنحة وفق م 4 ، 6 جزاء) ، وهي تختلف بطبيعة الحال عن سقوط العقوبة عن التهم اللي تم التحقيق وتوجيه الاتهام فيها الى المتهم (10 سنوات للجنحة و 20 للجناية و 30 للاعدام) .
في 2016 كلفتنا احدى الموكلات بمهمة الدفاع في المعارضة عن خمسة قضايا شيكات بدون رصيد مقامة خلال الاعوام من 2000 حتى 2002.
ولا شك في جلسات المحاكم الجزائية وخصوصا الجنايات ، نظرا لعلانية الجلسات ووجود المتهمين في قفص الاتهام وامتلاء القاعة باهالي المتهمين ، يسارع المحامين في ابراز قدراتهم في الاقناع ومدى ثقافتهم ومهاراتهم الخطابية ليس فقط لبراءة ساحة الموكل ولكن ايضا لترسيخ انفسهم في اذهان الحضور (التسويق والاستعراض).
في احدى القضايا الخمسة الموزعة على عدة دوائر ، بدأت كحال جميع الزملاء بعد "بسم الله الرحمن الرحيم" في تناول حال المتهمة الاجتماعية والمادية والصحية ، على امل ان اقنع القاضي لاخلاء سبيلها لحين الفصل في القضية خصوصا لاننا لم نكن مستعدين للدفاع الموضوعي لعدم اطلاعنا على الملف اصلا.
ويعلم جميع المحامين ان الالمام بالقانون غير كافي لاداء رسالتهم بل يجب ان يعزز المحامي ترسانته بالثقافة واللباقة والمهارة والذكاء وسرعة البديهة وغيرها مما يلزم اصول التواصل الاجتماعي وبها يتم التقييم والمفاضلة.
قاطع القاضي اندماجي وانطلاق ذهني بفضاء الحريات ، وقال: استاذ تدري هذي القضية من متى مرفوعة؟!
ما بغيت الا ان اقابل بديهة القاضي ببديهة ، وبفضل الله كان ذهني حاضراً فعرفت ان توجه المحكمة كان نحو اسقاط الدعوى الجزائية ، وقلت: نحن نعلم ان الدعوى الجزائية مشوبة بشبهة السقوط وهو دفع راح نضمنه دفاعنا عن تقديمه.
رد وقال: "عيل" ليش ما تخلصها وتريحنا؟! وبكل ثقة تمسك بسقوط الدعوى لمرور اكثر من (5) سنوات من تاريخ الواقعة ، فحكمت المحكمة بموجب الدفع في نفس اليوم وانتهت القضية بدون لا نقرأ كلمة واحدة من ملفها.
المحامي/ثامر الزعتري
الثلاثاء، 2 يناير 2018