من بداية الشهر تتراقص غصون الأشجار وتزهو السماء بالسحب الخجولة وتحنو الشمس علينا بطلة دافئة لتحفز النشاط في نفوسنا فيحملنا عن سيّء الذكريات ويسموا بِنَا الى نشوة الافراح والأمجاد ، نعم نحن بانتظارك وقد تهيأت بيوتنا لاستقبالك اذ كسيناها بأحلى المشاعر. اليوم لا اذكر أني على خلاف مع اَي إنسان ، فقد جلسنا نخطط للانتقام من الفوارق والقيود التي فرضناها على أنفسنا طوال العام ، فاشترينا الأسلحة اللازمة لذلك وجهزنا الذخائر وتدريبنا على الاهازيج كما تعلمناها منك.
اليوم سارعنا للاصطفاف على جانبي الطريق إيذانا بوصولك ، هنا يرددون الاهازيج والأغاني لاستقبالك ، وهنا يتراقصون فرحا للقائك ، وهناك من فتح وابل سعادته لرمي التنافر بالتماسك ، والتعالي بالتواضع ، والتعصب بالتسامح ، والغضب بالسرور ، حتى اختلطت الفوارق وتلاشت القيود لنبرهن لك وأنفسنا اننا على العهد باقون.
لذلك لن نرضى باقل من هذا القدر للقائك واستقبالك ولن نسمح بسلب افرحنا بهذا اليوم بالطريقة التي تناسبنا. في الماضي كان التعبير عن الفرح في هذا اليوم بالأغاني والأناشيد وبعض الاستعراض بالسيارات ، وبعد ذلك أضيفت الرغوة الشبيه بذرات الثلج حتى أسيء استخدامها ومنعت من الاسواق ، واليوم حلت الأسلحة المائية محل تلك الرغوة ، ولا نعلم ماذا سيحمل لنا المستقبل من أدوات تحقق غايتها بهذا الشأن.
تتذرع الأصوات التي تنادي بوقف الاحتفال عدم الاهتمام بنظافة المكان بعد تركه والقاء المخلفات في غير أماكنها ، والحقيقة ان هذه الأفعال تمثل سلوك قليل من المحتفلين ولا يصح حرمان الجميع من تجديد أفراحهم بالطريقة التي تناسبهم كل سنة بسبب هؤلاء ، فمن باب أولى ان تشرع وزارة الاعلام بحملة توعوية وتذكيرية للالتزام بالنظافة والعقوبة وفقا للمادتين ٣٣ و ١٣٣ من قانون حماية البيئة رقم ٤٢ لسنة ٢٠١٤ اللتان جرى نصهما على انه "يحظر إلقاء القمامة والمخلفات أيا كان نوعها الا في الحاويات المخصصة لذلك" وانه "يعاقب بغرامة لا تقل عن خمسين دينار ولا تزيد على خمسمائة دينار كل من خالف حكم المادة (٣٣) من هذا القانون" ، و بالتالي يضبط المخالف فقط عن طريق شرطة البيئة توطئة لمخالفته ان لزم الامر بدون تحميل باقي المحتفلين ذنب غيرهم.